أصدر مجلس النواب في الكونغرس الأمريكي يوم الخميس 30 يناير 2020م قرارًا يدين إيران بسبب قمع الأقلية الدينية البهائية في إيران، وقد بات هذا القرار أشبه بعادة سنوية، حيث صادق الكونغرس الأمريكي على مثل هذا القرار للمرة الأولى عام 1982م، ومنذ ذلك الحين وحتى وقتنا الحالي صار عدد القرارات المماثلة عشرين.
يمثل البهائيون بعددهم البالغ أكثر من 300 ألف شخص، أكبر أقلية دينية في إيران، وأكثرهم قمعًا، ويومًا بعد يوم تتوسع سياسة التمييز الإيرانية ضدهم، وتزداد سوءًا.
ينص القرار على “إدانة القمع الحكومي للأقلية البهائية الإيرانية على يد الحكومة، وإدانة مواصلة انتهاك هذه الحكومة للمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان”.
قدم مشروع هذا القانون إلى مجلس النواب، ممثل الحزب الديموقراطي من ولاية فلوريدا “تيد دويتش”، والذي يرأس لجنة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس النواب.
لا شك أن كلا الحزبين الأمريكيين الرئيسيين يدعمان هذا القرار، حيث إن الجمهوري “جو ويلسون” من ولاية كارولينا الجنوبية من أوائل المؤيدين للقرار، ووفقًا للإجراء القانوني الحالي، ينبغي إحالة هذا القرار أولاً إلى لجنة العلاقات الخارجية، ثم إلى مجلس النواب للتصويت.
يشير نص القرار مستشهدًا بتقارير المقرر الخاص لمنظمة الأمم المتحدة، والتقارير المتعلقة بالحرية الدينية التي تعدها أمريكا، إلى الأرقام والإحصائيات المتاحة بشأن قمع البهائيين، وفقًا لما ورد بالقرار تم إعدام أكثر من 200 شخص من قادة البهائيين منذ الثورة الإيرانية عام 1979م وحتى الآن، كما طُرد أكثر من 10 آلاف بهائي من وظائفهم.
يدين القرار قمع البهائيين، ويطالب الحكومة الإيرانية بالإفراج الفوري عن كافة البهائيين المعتقلين وكل من يقبع في السجون الإيرانية بسبب دينه، وإنهاء “خطاب الكراهية” المناهض للبهائيين، وإيقاف سياساتها العنصرية ضد هذه الأقلية.
تطالب هذه الوثيقة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بإدانة انتهاك حقوق الإنسان في إيران، عبر التعاون مع الدول الأخرى، والمطالبة بالإفراج عن كافة المعتقلين بسبب دينهم. وفي نفس السياق، تطالب هذه الوثيقة الحكومة الأمريكية بحظر المسؤولين الإيرانيين ممن لهم دور مباشر في انتهاك حقوق الإنسان.
وقد رحب مجتمع البهائيين الأمريكي بهذا القرار, فقال مدير العلاقات العامة للبهائيين الأمريكيين أنتوني فينس، لموقع إيران واير: “نحن سعداء بمواصلة السيد دويتش عضو مجلس النواب، لدعمه القديم للبهائيين الإيرانيين.”
وأضاف فينس: “إننا نرحب بهذا القرار من قبل الحزبين الرئيسيين في أمريكا، في الوقت الذي زادت فيه الحكومة الإيرانية من ضغوطها الاقتصادية على المواطنين البهائيين، حيث صادرت مزارع ومنازل جميع البهائيين في قرية أيول شمال إيران، كما فقد جميع البهائيين في كافة أنحاد البلاد إمكانية الحصول على بطاقاتهم الوطنية.”
وقد رحب فينس أيضًا بتعرض القرار لدور إيران في اليمن.
هذا وقد أعلن موقع إيران واير مسبقًا في تقرير له بعنوان “معاداة البهائية، هو ما صدرته إيران إلى اليمن” عن ممارسة إيران الضغوط على الحوثيين اليمنيين من أجل معاداة البهائية، وقال فينس: “إن عشرات البهائيين في اليمن يواجهون اتهامات جنائية، وقد تم الحكم على أحدهم بالإعدام في يناير 2018م.”
ورحب أحد البهائيين الأمريكي وهو الدكتور كاويان ميلاني بهذا الإجراء، ولكنه طالب بالمزيد من هذه الإجراءات، فقد عانى هذا الطبيب المقيم في واشنطن من معاداة البهائية في إيران، حيث أُلقي القبض على والده في السنوات الأولى لانتصار الثورة الإيرانية، ولم تُسلم جثته إلى الأسرة.
وقال الدكتور ميلاني لموقع إيران واير: “إن تحرك الكونغرس الأمريكي هو تحرك هام، ولكن قضية حقوق الإنسان في إيران بما في ذلك حقوق البهائيين، غير مدرجة على جدول أعمال أي مؤسسة عالمية، فقط يُشار إليها وتُمَرَّر.”
وأشار إلى ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات، قائلًا: “يحب إيقاظ عقول الإيرانيين وكل من هم على رأس السلطة، وعليهم أن يدركوا أن هذا التحرك المنظم ضد مجتمع لا صلة له بأحد، ويرغب فقط في المشاركة المعتادة، هو أمر غير صحيح.”
كما أكد الدكتور ميلاني على أن كونه بهائيًا، فإنه يهتم بقضية حقوق البهائيين من زاوية حقوق الإنسان، حيث يقول: “إنني أسعد بأي نشاط يتم في سبيل إحقاق هذه الحقوق، وإن كانت من أجل الروهينغا في بورما أو المسلمين في فرنسا، وإنه يجب دفع سياسات الحكومات العالمية في سياق أن حقوق الإنسان تؤرق الجميع، وإن وجود قانون هنا وقانون هناك هو أمر غير فعال.”
النائب اليهودي، المدافع عن حقوق البهائيين
اتخذ السيد دويتش العديد من الإجراءات للدفاع عن حقوق البهائيين في مجلس النواب منذ انتخابه عام 2010م. إن هذا النائب الذي يرأس لجنة الأخلاق في المجلس، يعمل أيضًا في مجال القضايا المتعلقة بالعنصرية في الشرق الأوسط وخارجه، وهو من أصل يهودي وعضو الوفد الأمريكي الذي توجه مؤخرًا برئاسة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي لزيارة معسكر أوشفيتز في بولندا، للاحتفال باليوم العالمي لذكرى الهولوكوست.
وقد صرح السيد دويتش في مجلس النواب، قائلًا إن هذه هي زيارته الأولى لمعسكر أوشفيتز، كما تحدث عن العديد من الأشخاص مثل نورمان فريمان الذي فقد 126 عضوًا من أعضاء عائلته في الهولوكوست.
ومن القرارات الأخرى التي طرحها دويتش في المجلس خلال الأيام القليلة الماضية، قرار يدافع عن حقوق الشعب الإيراني من أجل حرية التعبير وإدانة الحكومة الإيرانية بسبب قمع الاحتجاجات المشروعة.
وتُعَّد إيران واحدة من بين أسوأ منتهكي الحريات الدينية في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من أنها تعترف رسميًا بالسنة واليهود والزرادشتيين وبعض المسيحيين، إلا أن الحريات الدينية ما زالت تواجه العديد من العقبات، حيث تُرتكب أسوأ أشكال القمع والتمييز ضد البهائيين، فضلاً عن قمع الكنائس المنزلية والمسيحيين خارج الفروع المعترف بها، ولاسيما ذات النزعة الإنجيلية، ويطلق اسم الإنجيلية على المسيحيين الإنجيليين، وهي فرع من البروتستانتية، وهم على علاقة وثيقة باليهود.