نشرت السلطات القضائية الإيرانية صورة سيد “محمود موسوي مجد” نجل سيد كاظم الذي لم يكن شخصاً معروفاً حتى قبل فترة وجيزة.
وادَّعت السلطات القضائية أن موسوي تعاون مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية، وتجسس على قوات فيلق القدس و”قاسم سليماني”، ويتحدث النظام الإيراني الآن عن نيته في إعدام موسوي مجد.
لكن الخبير اللبناني “نزار زكا” الذي قضى أربعة أعوام من عمره في سجون إيران، وأُطلق سراحه مؤخرًا كان يعرف موسوي مجد منذ فترة، ويقول إن موسوي مجد طالب بريء.
وفي حوار هاتفي مع “إيران وير” صرح السيد زكا قائلاً: ” محمود من أصدقائي المقربين، تعرفت عليه في الصالة 12 زنزانة 7 بسجن إيفين التي كانت مخصصة للسجناء السياسيين. كان شاباً يتحدث اللغة العربية باللهجة اللبنانية، ومن هنا تحدثنا معاً، وأخبرني بقصته”.
وعلى حد قول زكا، فإن موسوي مجد كان طالباً في إحدى الجامعات الدولية الصغيرة في بيروت، وذات يوم اختطفته قوات حليفة لإيران وحملته إلى طهران، منوهاً إلى أنه من المحتمل أن تكون جماعة حزب الله هي الجهة المختطفة، بينما لم تقدم الحكومة اللبنانية على اتخاذ أي إجراء.
ويوضح زكا أن موسوي مجد كان يعيش في شقة مقابل سينما جالاكسي في بيروت، وذات يوم قاموا باختطافه من أمام منزله. يقول زكا: “حكى لي أنهم في البداية نقلوه للاستجواب، وقالوا له سوف نعذبك، وبعد ذلك أركبوه طائرة ونقلوه إلى إيران، وهناك أدخلوه في معتقل تابع للحرس الثوري، ومن ثم أحضروه إلى سجن إيفين”.
ويضيف زكا أن السيد موسوي مجد تم استهدافه لأنه كان يشارك منشورات على الفيس بوك تتنقد نظام الحكم الإيراني وحزب الله اللبناني، ويتساءل زكا: إذا كان هذا الشخص جاسوساً وشخصية أمنية كيف تم التحفظ عليه في سجن إيفين مع سائر السجناء السياسيين؟ ويشير زكا إلى أنه هو والسيد موسوي مجد كانا مع شخصيات غير إيرانية مشهورة مثل “جيائو وانغ” الطالب الأمريكي الصيني، أو مزدوج الجنسية مثل “كامران قادري” التاجر الإيراني-النمساوي.
وكانت وسائل الإعلام المقربة لنظام الحكم الإيراني قد نشرت خلال الأيام الماضية أخباراً متناقضة حول موسوي مجد، وطبقاً للمعتاد لم تنشر أدلة تدعم ادعاء أنه كان جاسوساً.
في البداية قال المتحدث باسم السلطة القضائية “غلام حسين إسماعيلي” في مؤتمر صحفي إن موسوي مجد جاسوس للموساد، وقال إنه متهم بتقديم معلومات تتعلق بمكان وجود وارتياد “قاسم سليماني”، ولذلك تمت محاكمته، وصدر حكم إعدام ضده، لكن المركز الإعلامي للسلطة القضائية كان قد كذّب في بيانٍ له بعد ساعة من انتهاء المؤتمر الصحفي للمتحدث باسم هذه السلطة وجود أي صلة بين موسوي مجد ومقتل سليماني.
واستنكرت وكالة أنباء ميزان التابعة للسلطة القضائية بعض الشائعات، وقالت: “لم تكن له أية صلة بالأماكن المقدسة”، في حين أن صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله كررت ادعاءات المتحدث باسم السلطة القضائية فيما يتعلق بتعاون موسوي مجد مع أمريكا وإسرائيل، وقالت إنه أفاد بتقرير عن مكان إقامة سليماني وجدول تحركاته.
لكن المسؤولين الإيرانيين أكدوا أن اعتقال موسوي مجد كان قبل فترة، وليس له علاقة مباشرة باغتيال سليماني.
وصرحت “آر تي عربي” نقلاً عن المسؤولين الإيرانيين بأن عمل موسوي لم يكن له أية علاقة باغتيال سليماني، وكتبت: “عمله كان تقديم المعلومات للعدو حول قواتنا الاستشارية في سوريا”.
تجاهل السلطات اللبنانية لاختطاف موسوي مجد
يقول نزار زكا إنه تحدث عن قصة موسوي مجد في كل مكان كي يفي بوعده له، مضيفاً: “في أول يوم أُطلق سراحي وعدت إلى لبنان حكيت القصة في أول لقاء مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، لكن الحكومة اللبنانية لم تفعل أي شيء في هذا الموضوع”.
وبحسب ما قاله زكا فإن والد موسوي مجد كان قد راجع السفارة الإيرانية في لبنان من أجل متابعة الموضوع، وادعت السفارة لفترة أن موسوي مجد قد تم إرساله إلى إيران لتنفيذ مهمة وسوف يعود.
ويضيف زكا قائلاً: “هو نفسه كان متأكداً من أنهم لن يفعلوا له شيئاً، وسيطلقون سراحه، لكن بعد مرور عدة شهور على إطلاق سراحي تقريباً، في سبتمبر العام الماضي اتصل بي وقال إنهم حكموا عليه بالإعدام”.
وقال هذا المواطن اللبناني: “أنا أشعر بالمسؤولية لأنهم خطفوه في لبنان، ولم تفعل الحكومة اللبنانية أي شيء من أجله. لقد تم اختطاف موسوي مجد بشكل رسمي وبعبور قانوني من الحدود اللبنانية. لقد تحدثتُ إلى رئيس القسم المعروف باسم “معلومات” في وزارة الداخلية اللبنانية أيضاً حول هذا الموضوع. هذه الجهة الاستخباراتية رفيعة المستوى التي تحقق في موضوعات مهمة مثل قتل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق، ومع ذلك لم يفعلوا أي شيء في هذا الموضوع”.
ويقول مستاءً: “للأسف من الواضح أن أجهزة الحكومة تقع تحت سيطرة حزب الله”.
وأكد زكا في نهاية كلامه على براءة صديقه قائلاً: “محمود شاب جيد، حسن المظهر وذكي. كان مثل الشباب اللبنانيين العاديين لأنه تعلم لغتنا جيداً. كان خفيف الظل، وفي لبنان كان من الأشخاص المنفتحين والمثقفين. لديه ذكريات في جميع الحانات والنوادي الليلية اللبنانية. يقولون إنه كان متعاوناً مع حزب الله وبعض القوات الإيرانية، هذا غير حقيقي، لم يكن من هذا النوع. إنه برئ”.